قوة الإيمان الإلهي في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) (ضرار بن ضمرة الضبابي) انموذجاً

علي ومعاصروه

قوة الإيمان الإلهي في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) (ضرار بن ضمرة الضبابي) انموذجاً

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 03-04-2020

الباحث: علي فاضل الخزاعي
 الحمد لله رب العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على خير خلقه محمد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين...
أمَّا بعد...
فالإيمان الحقيقي المغروس في قلوب أصحاب أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) لا يدانيه أحد، والسبب في ذلك هو الثبات على ولاية أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) حيث هوت قلوبهم وأنفسهم في حب أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) وأقرب الى هذا المعنى قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخِرَةِ﴾[1]، أي بالقول الَّذي ثبت عندهم بالحجّة والبرهان وتمكَّن في قلوبهم واطمأنّت إليه أنفسهم، فلا يزلون في الدّنيا إذا افتتنوا في دينهم ولا يلتئمون في الآخرة إذا سئلوا عن معتقدهم[1].
وعند البحث عن الأصحاب الخُلّص لأمير المؤمنين (عليه السَّلَام) وكيف كان لهم دور فكري وسياسي وعسكري وكثير من الأدوار التي كانت محط أنظار العالم الإسلامي وغير الإسلامي نراهم خلال مدة تأدية دورهم في المجالات كافة قد صقلت أخلاقهم على يد أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) وشربوا من ماء علمه وبحر مناقبه، وخير من كان صلب الإيمان والعقيدة هو الصَّحابي (ضمرة بن ضرار) مولى أم هاني بنت أبي طالب، وكان من خواص الإمام علي (عليه السَّلَام)، ومن أصحاب ألوية الإمام علي (عليه السَّلَام) بصفين[2].
استطاع أن يبين مناقب أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) في وجه معاوية بن أبي سفيان الذي كان من ألذ أعداء أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) وممّن وقع في حبالته فأمر معاوية ضرارا بتوصيف الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، وقد وصفه ضرار بهذا الوصف البالغ في الخطورة من نواح شتّى، معرضا بذلك على معاوية وناصحا وواعظا له والسَّبب في ذلك يعود الى أن معاوية بعد تسلَّطه على الكوفة وسيطرته على أصحاب أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) قام بجلبهم إلى الشّام بشتّى الوسائل من دعوة وديّة أو تهريب من ظلم عمّاله أو تهديد أو غير ذلك من الوسائل ثمّ يحضرهم في حفلته الغاصّة بالرّجال ويسألهم عن وصف عليّ (عليه السَّلَام) عسى أن يذكروا له عيبا بحضرة الناس ويتّهموه فيستفيد من كلامهم لتأييد سياسته[3].
 فلما أمره معاوية بأن يصف له أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) فقال: أو تعفني، قال: لا أعفيك قالَها مراراً.
فقال ضرار: أما إذ لا بُد، فكان والله بعيد المدَى، شديد القوى، يقول فَصلا، ويَحكم عَدلا، يتفَجّرُ العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يَستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستَأنس باللّيل وظلمته،  كان والله غزير الدمعة كثير الفكرة، يُقَلِّب كَفّهُ ويُخاطِبُ نفسه، يُعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جَشُب.
كان والله كأحدنا، يُجيبنا إذا سأَلناه، ويبتدئنا إذا أتيناه ويَأتينا إذا دعَوناه، ونحنُ والله مع قربه منّا ودُنوّه إلينا لا نكلِّمهُ هيبةً له، ولا نبتديه لعظمه، فإن تبسّم فعن مثل اللُؤلؤ المنظوم يعظّم أهل الدين، ويُحبّ المساكين، لا يطمع القَويٌ في باطله، ولا ييأَس الضعيف من عدله، فاشَهَدُ بالله لقَد رأيته في بعض مواقفه ليلةً، وقد أرخى الليل سجوفه، وغارَت نجومه، وقد مثل قائماً في محرابه، قابضاً على لحيته، يتمَلمَلُ تَململُ السَّلِيم، ويَبكي بكاء الحزين، وكأني أسمعه وهو يقول: يا دنيا غرّي غيري، أبي تَعرّضْتِ أم إلَي تَشَوّقْت، هيهات هيهات قد أبَنَتُكِ ثلاثاً لا رجعَةَ لي فيك، فعُمركِ قصير، وعشيكِ حَقير، وخطرك كبير، آه من قلّة الزاد وبُعد السفر ووَحشة الطّريق.
قال: فذرفت دموع معاوية على لحيته فلم يملك رَدّها وهو يُنَشفها بكمِّهِ، وقد اختنق القوم بالبكاء، ثم قال معاوية: رحم الله أبا حَسَن، فقد كان والله كذلك، فكيفَ حُزنك عليه يا ضرار؟ فقال: حُزن من ذُبحَ ولدها في حجرها فلا ترقَأ عبرتها ولا يَسكُن حُزنها[4].
فما وصفه ضرار بن ضمرة من مقامات سيد الأوصياء (عليه السَّلَام) أمام ألد أعدائه تبين قوة الإيمان الحقيقي المغروس في قلوب أصحاب أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) واليقين بالله؛ فهذه الشجاعة تبين الإيمان الحقيقي الخالي من شوائب الشرك، والحمد لله ربّ العالمين، وصلَّى الله على نبيّنا مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الأطهار...
الهوامش:
[1] سورة إبراهيم: 27.
[1] ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة:
[2] ينظر: الجوهرة في نسب الإمام علي وآله، البري: 75.
[3] ينظر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، حبيب الله الخوئي: 21/113.
[4] أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين: 7/403-404.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.8368 Seconds