من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث حقول المعادن والأدوات والآلات ومتعلقاتها: 4- كنُوزُ الذِّهْبَان قوله عليه السلام: (لَوْ أرادَ اللهُ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزُ الذِّهْبَان لفَعَل)

80 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-12-2025

بقلم: د. زهراء حسين جعفر

الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
ورد حديث سيد البلغاء قوله (عليه السلام): ((لَوْ أرادَ اللهُ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزُ الذِّهْبَان لفَعَل))([1]). ومنهم من ذكر عنه(عليه السلام): ((لو أراد الله...أن يَفْتَح لَهُمْ كُنوُزُ الذِّهْبَان وَمَعادن العِقْيان))([2]). (الذَّهْبان) هو الذَّهَب الخالص. ويقال: هو ما يَنْـبُت منه نَباتا والألفُ والنون زائدتان([3])، وابن الأثير قال: ((هوَ جَمْعُ ذَهَبٍ، كَبَرَقٍ وبِرْقَان، وَقَدْ يُجْمَعُ بالضَّم نَحْوَ حَمَل وحُمْلان))([4])، فأراد الإمام(عليه السلام) باستعمال صيغة الجمع (الذهبان)على زنة فعلان (هي إحدى صيغ جمع التكسير)، الإشارة إلى صنف الذهب خاصة دون غيره من المعادن فضلا عن بيان أن كثرة الذهبان توحي بأنّ الله –تبارك وتعالى –لو أراد أن يسبغ عليهم من النعم لفعل؛ لأنهم يستحقون ذلك، ولهذا استعمل لفظة (كنوز) جمعا على وزن فعول التي توحي ايضا بالغنى والثراء، فالكنز عند أهل اللغة يدل على المال المدفون([5]).امَّا لفظة الكنوز في التركيب فإنّها عند الإمام تدل على (كنوز الذهب) وهذا الاستعمال ضرب من تخصيص الدلالة فقد انتقلت لفظة الكنوز في التركيب من دلالتها على المال المدفون الى دلالة أخرى وهي الدلالة على الذهب المجموع. ومما يلحظ بلاغة الإمام(عليه السلام) التي تعود الى جمال ألفاظه، وحسن نظمه، فثبت أن هذه الامور الدقيقة في مثل هذه العبارة الفصيحة لم تحصل إلا لأمير البيان فقد وصف نعمه- سبحانه وتعالى -بالدوام وعدم التناهي والانقطاع فهي كذاته –سبحانه- مطلقة لا تعرف معنى للحدود والقيود، ولو أراد ذلك لفتح عليهم كنوز الأرض من الذهب والفضة ([6]).ومن براعة كلامه الموافقة بين كنوز الجمع والذهبان أيضا بصيغة الجمع)([7]).

الهوامش:
([1]) م. ن: 2/173، لسان العرب: (ذهب) 1/394، تاج العروس: (ذهب) 2/452.
([2]) غريب الحديث في بحار الأنوار: 3/82.
([3]) ينظر: الخصائص: 1/251.
([4]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/173.
([5]) ينظر: لسان العرب: (كنز)5/401.
([6]) ينظر: نفحات الولاية: 4/15.
([7])  لمزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص216-218.