محمد حمزة الخفاجي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وحبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين . . .
لم يزل الإمام (عليه السلام) يحث الناس على فعل الخير، لما له من أثر كبير في صلاح النفس، وفاعل الخير إنسان موفق، وقد فضل الله فاعل الخير على غيره إذ به يقضي الله حوائج الناس.
وفعل الخير لا يقتصر على بذل المال وانفاق الطعام والشراب فقط، وإنما هو الكلام الحسن، وإغاثة الملهوف، وإعانة الضعيف، وغير ذلك من الأعمال الأخرى وإن كانت بسيطة لم تُأخذ بعين الاعتبار.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (افْعَلُوا الْخَيْرَ ولَا تَحْقِرُوا مِنْه شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَه كَبِيرٌ وقَلِيلَه كَثِيرٌ، ولَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي، فَيَكُونَ والله كَذَلِكَ إِنَّ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ أَهْلًا فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوه مِنْهُمَا كَفَاكُمُوه أَهْلُه)[1].
ولأهمية ما ذكره لنا الإمام (عليه السلام) في هذه الحكمة لا بد وأن نقسم هذه الحكمة الى محورين:
المحور الأول: النهي عن تحقير فعل الخير وإن كان قليلاً
فمهما يكن الخير قليلا أو كثيرا فهو خير يقول الإمام (عليه السلام): (فَإِنَّ صَغِيرَه كَبِيرٌ وقَلِيلَه كَثِيرٌ) عند الله، وإذا صار القليل بعين الله كثير لا شك أنه سيكون كبيراَ بعين الناس أيضاً، ففي خبر عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال الله (تبارك وتعالى): (إن من عبادي من يتصدق بشق تمرة فأربيها له كما يربي أحدكم فلوه[2] حتى أجعلها له مثل جبل أحد)[3].
وقال تعالى في محكم كتابه العزيز: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفقُونَ أَموالَهُم فيِ سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أنْبَتت سَبعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مائةُ حبّة وَ اللهُ يُضَاعِف لِمن يشاءُ و اللهُ وَاسِع عَليمُ}[4].
ضرب لنا سبحانه مثلاً في زيادة الأجر والمثوبة، فهذه الحبة تنبت سبع سنابل في كل واحدة أي سنبلة مائة حبة ويضاعف الله ما يشاء.
والإنسان لا يعلم أي شيء يرضي الله فلعل خير قليل يعمله العبد بنية صادقة يعظم عند الله فيكون كثيرا، والعكس لعل عمل يعجب صاحبه فبذلك العجب يذهب خيره.
المحور الثاني: للخير أهل وللشر أهل
يقول الإمام (عليه السلام): )ولَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي، فَيَكُونَ والله كَذَلِكَ إِنَّ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ أَهْلًا فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوه مِنْهُمَا كَفَاكُمُوه أَهْلُه)[5].
فمن أحب الدنيا وانشغل فيها كان له شيطان يمنعه من فعل الخير لذا لا بد من الاستكثار من عمل الخير والاسراع في انجازه لكي لا تفوت الفرصة، فعنه (عليه السّلام): (إذا هم أحدكم بخير أو صلة فإن عن يمينه وشماله شيطانين فليبادر لا يكفّاه عن ذلك)[6].
وعن أبي جعفر (عليه السّلام): (إن الله ثقل الخير على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة وإن اللَّه تعالى خفف الشر على أهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة)[7].
فالخير ثقيل على أهل الدنيا وإن كان عملا سهلاً، وإنه خفيف على أهله وإن كان صعبا شاقا لأن الله يوفق صاحبه، والتوفيق لا يأتي إلا من حسن النية لذلك صار فعل الخير كبيرا عند الله.
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الخير.
الهوامش:
[1] - نهج البلاغة، الحكمة: 422، ص551.
[2] - الفلو : المهر حين يفطم أو يبلغ السنة .
[3] - الأمالي، الشيخ الطوسي: 125.
[4] - البقرة: 261.
[5] - نهج البلاغة، الحكمة: 422، ص551.
[6] - جامع أحاديث الشيعة: 1 / 421.
[7] - الكافي: 2 / 123.