بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((أزرى بنفسه مَن استشعر الطمع، ورضي بالذل مَن كشف عن ضُره، وهانت عليه نفسه مَن أمّرَ عليها لسانه)).
يحذر (عليه السلام) من عدة أمور
1- الطمع: وهو الحرص على الشيء فإن مَن تمكن عادته في الحياة الحرص على تحصيل كل شيء واجه في سبيل ذلك المهانة والمقت لأن ذلك لا يلائم الآخرين فيُزجر ويُحتقر. والسبب في ذلك عدم سيطرة الإنسان على رغباته. فينبغي أن يتعود المسلم القناعة والاكتفاء بالميسور والسعي وراء المفقود فيكافح ويحصل عليه بطبيعة الحال وهو أمر مستساغ جداً لأنه مقتضى الطموح. ومعروف لدى كل عاقل أن الكرامة والمحافظة على الرصيد الاجتماعي أثمن من كل شيء ولذا نلاحظ الدفاع عن ذلك حتى بالنفس والمال العزيز. فهو أمرٌ غريزيٌ فلابدّ أن لا يضيعه الإنسان نتيجة حرصه على تحصيل ملذة أو مراد.
ويحذر (عليه السلام) من:
2- الكشف عن الضر... الذي هو الشدة والضيق وسوء الحال كما هو معروف؛ لأن ذلك يؤدي إلى الامتهان من قبل الآخرين لاطلاعهم على واقع الحال مما لا يجعله في الدرجة الأولى في الترتيب الاجتماعي سواء أكان المكشوف عنه الضر في البدن أم في المال. فإن الإنسان عموماً وبحسب طبيعته (يطغى) وينسى نفسه وأن من الممكن جداً أن يصاب بمثل ذلك فيعمد إلى التشفي إن كان حاقداً أو يحدّث الغير ممن لا يُرغب باطلاعهم -عادة-؛ لأن ذلك من الأسرار الشخصية، فاللازم عدم كشف الضر، والصبر على البلوى مع السير في طريق حلّها بالسبل الصحيحة لأن الإنسان في الدنيا يمتحن ليظهر جوهره ويتبين معدنه فيُعرف حاله، لانقسام الناس -عادة- إلى جيّد ورديء، مؤمن وغير مؤمن، صبور وجزوع، مَن يتجاوز العقبات بسهولة ومَن يتوقف عند أول عَقَبة،... إذاً نحن بحاجة إلى اكتشاف المواهب وكشف الحقائق لنتعامل مع كلٍ وفق المناسب واللائق لئلا يضيع حق أحدٍ([3]).
الهوامش:
[1] أي: عابها ووضع من حقها.
[2] استشعر: لبس الشعار وهو ما يلبس تحت الثياب على الجسد مباشرة. لاحظ المنجد ص391 مادة شعر (بتصرف).
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي (عليه السلام)، لمحمد صادق السيد محمد رضا الخرسان: ج1/ ص71-72.