من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليها السلام): ((كُنَّا إِذا احْمَرَّ البَأْس اتَّقينا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسَلَّمَ))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من مرويات الإمام علي (عليه السلام) في لسان العرب قوله (عليها السلام): ((كُنَّا إِذا احْمَرَّ البَأْس اتَّقينا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسَلَّمَ))

249 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 10-03-2024

بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.

وبعد:
(افْعَلَّ) ويأتي هذا الفعلُ لـــدَلالاتٍ ثلاث هي: الدَّلالةُ علـــى لــونٍ أو عيبٍ حسِّيّ([1])، والدَّلالة علـى التَّكثـير في الفعل، والاستعاضة به من(فَعَـل)، وهي دلالةٌ مرتجلةٌ([2])، وهذا الوزنُ من مزيد الثُّلاثيّ، وليس له نظيرٌ في الرُّباعيّ([3]).
وممَّا وردَ في المرويَّات دالًّا على اللَّون والمبالغةِ فيه، حديثُ الإمامِ (عليه السَّلام) الَّذي أورده ابنُ منظور في بيانِ معنى لفظةِ(احمرَّ): «وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ، (كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وجْهَهُ)، أَنَّه قَالَ: كُنَّا إِذا احْمَرَّ البَأْس اتَّقينا بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، أَيْ: إِذَا اشْتَدَّتِ الحَرْبُ اسْتَقْبَلْنَا العَدُوَّ بِرَسُولِ اللَّهِ، (صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ) وجَعَلْنَاهُ لَنَا وِقَايَةً»([4]).
قالَ الخليلُ في معنى(احمَرَّ): «تقولُ: قد احْمَرَّ الشَّيءُ، إذا لَزِمَ لونَه فلم يَتَغَيَّرْ من حَالٍ إلى حَالٍ»([5])، وبهذا تكون قد بالغتَ في زيادةِ حمرتهِ، وتُطلقُ مجازًا على الموت، «وموتٌ أحْمرُ، واحْمَرَّ البَأسُ: اشتدَّ»([6])، فاحْمِرَار البأسِ، كلمة مستعارة، أي: اشتدَّت الحربُ حتَّى احْمَرَّتِ الأرضُ من الدَّم([7])، فجعل الامام(عليه السَّلام) البأسَ(أحْمَر) مجازًا، ثمَّ بالغ في ذلك اللَّون الحسِّيّ فقالَ(احْمَرَّ)، وبهذا الشَّاهد جَمع لبناءِ(افعلَّ) الدَّلالتينِ(اللَّون الحسِّيّ، والمبالغة في الفعل).
يصوِّرُ لنا الإمامُ (عليه السَّلام) حال المؤمنين في الحربِ واشتدادها، فإذا عظم الخوف من العدوِّ، واشتدَّ عضاض الحرب؛ فزع المسلمونَ إلى قِتالِ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بنفسِهِ، فيُنْزِل اللهُ تعالى النَّصرَ عليهم به، ويأمنون ما كانوا يخافونه بمكانته عند الله([8])، فجعلَ للبأس جسمًا، ثمَّ جعل لذلك الجسمِ لونًا أحْمَرَ، وبالغَ في حمرته؛ لتَخرُج العبارةُ بهذه الصُّورة المؤثِّرة)([9]).

الهوامش:
[1]   ينظر: شرح الشافية، للرضي: 1/112.
[2]   ينظر: أبنية الصرف في كتاب سيبويه، خديجة الحديثي: 399.
[3]   ينظر: الممتع في التصريف: 118.
[4]   لسان العرب(حمر): 4/210.
[5]   العين(حمر): 3/226 - 227.
[6]   أساس البلاغة (ح م ر): 1/212.
[7]   ينظر: شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 14/49.
[8]   ينظر: المصدر نفسه: 19/116.
([9]) لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 107-108.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2561 Seconds